عبد الله حسن آل جامع

 

السلام عليك يا عماه يا شيخنا الجليل. لم أكن أتخيل نفسي يوما أن أقف ناعيا لشخصك المقدس.  لا أدري من أين أبدأ رثاك.  يا من كنت لنا نبراساً اهتدينا بضوء هديه إلى طريق آل محمد عليهم السلام.  يا سحابة أظلتنا سنينا طوال وأمطرتنا بوابل العلم والمعرفة.

 

عشرون عاماً مضت منذ قدومك من مهجرك العلمي في النجف الأشرف عائداً الى بلدك ومسقط رأسك القطيف.  أحد عشر عاماً من هذه العشرين هي الفترة التي اتصلت بك فيها اتصالاً أبوياً وذلك من خلال اقتراني بحفيدتك.

 

مرت هذه السنون العشرون كأنها طيف خيال.  لقد كنا ننتظر الموسم بعد الموسم سواءً موسم شهر رمضان المعظم أو المحرم الحرام وذلك لحضور إحياء الشعائر المختلفة المتميزة بحضورك وتوجيهاتك.  نعم توجيهاتك التي أردت من خلالها توثيق الترابط بين المجتمع المؤمن وبين الله عز وجل وأهل البيت عليهم السلام.

 

أما على المستوى الخاص فقد كنت يا سيدي أشد ما تكون حريصاً على أن يكون أبناؤك والمتعلقين بك سائرين على نهج محمد وآل محمد عليهم السلام.  أتذكر عندما كنت أتشرف بالقراءة والكتابة لك، كنت تلفت نظري ونظر من يكتب إليك إلى النكات العلمية المختلفة.  لم تكن تريد أن يكون من يكتب أو يقرأ لك أداة تسجيل فقط تردد ما تقرأ أو تكتب.  لقد كنت توضح لنا حتى المعاني اللغوية.  كثيراً ما كنت توقف من يقرأ لك لتسأله لماذا رفع هذا أو نصب هذا، فإن أجاب أنست واستبشرت وإن لم يجب علمته وأفهمته.

 

لقد كنت دقيقا في كل شيء، في فصول الأذان كنت تنبهني إلى الإدغام في "محمد رسول الله" وإلى تفخيم الباء في "الله أكبر" وقد كنت أخففها.  في قراءة النسخة والمقتل كنت تميز في طريقة القراءة بينهما.  حتى في حديث الكساء الشريف كنت تطلب قرائته بطريقة معينة.  فكم علمتنا وكم أفهمتنا فنحن بحق قد خسرناك خسارة لا أظن أنها تعوض أبداً.

 

أما على المستوى الشخصي والعائلي فها أنذا أراك تخطوا نحو منزل أحد أولادك أو إحدى بناتك لتعوده في مرضه أو لتهنئها السلامة بالولادة.  أذكر كم استبشرت وسررت عندما أخبرتك باسم مولودتي الأخيرة "يقين"، وكنت دائماً تسألني وتسأل حفيدتك كيف اهتديتما إلى هذا الاسم الجميل.

 

أما عن تواضعك الذي عرفه الجميع فأنقل هذه الحادثة: عندما قدمت من المدينة المنورة ذات مرة أخبرتك بأن الشيخ العمري يسلم عليك ويسألك الدعاء، فقلت وكيف يسألني الدعاء وهو أفضل مني. نعم يا عم لقد ذبت في الله وفي آل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نسيت نفسك.

 

فالسلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حياً، وأسأل الله تعالى أن يدخلنا في شفاعتك فأنت أهل لذلك.  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورحم الله من يقرأ الفاتحة.