السيد علي السيد هاشم الخباز

1420- القطيف المحروسة

في نعيم باق وعيش رغيد

يا ملاك التقديس والتمجيد

في مقام عند المليك الحميد

لائذات بظلك الممدود

عبيد أخلق بهم من عبيد

عش على الطهر في ظلال الخلود

في جوار الأملاك عش في هناء

لك جبريل في لجنان رفيق

وبك الحور العين مغتبطات

وإليك الولدان في جنة الخلد

 

أمديح أهدي لك أم رثاء.. يا قرين الذكر .. وشريك الدعاء.. أيها الراهب القديس.. يا من انقطع في فكره لله.. وفي دموعه للحسين.. وفي ولائه لعلي.. وفي محبته لفاطمة.. وفي انتظاره للحجة.. فأنت خير متبع لمحمد صلى الله عليه وآله.. لست أرى صورة لزهدك في تاريخ البشرية.. غير حامل الجراب على ظهره في غسق الليل.. لست أرى لعبادتك غير ذي الثفنات.. وفي بكاءك غير مازج طعامه وشرابه بدموعه..ومن مثلك وأنت حبيب قرة عين الزهراء.. يا حبيب  الحسين.. أيها البكاء.. يا ملك الزهد والتقى.. يا سلطان الدمعة والعبرة..ما أرى في جنازتك إلا الكاظم.. حينما تقاذفتها أيدي محبيك والدموع تنهمر انهمار المطر..والآهات تدوي دوي الرعد.

 أمسكت بريشتي.. لأني لم أستطع الكتابة بالقلم.. بحثت عن ألوان أضع بها ملامح هذا المشهد المؤلم، المفجع..ولكن،خانتني ريشتي أيضاً فلم أستطع حتى الكلام.. واكتفيت بذرف دموعي.. حرقة وحسرة.. حينما رأيت القطيف قد لبست السواد.. وتعصبت بالحداد والناس تلطم على صدورها،والدموع جرت أنهاراً..إنه لا محالة عاشوراء.. ورأيت جثمانك الطاهر حلق على أجنحة الملائكة.. خلت أنه جثمان الحسين..لكن الحسين لم يشيع، بل رض صدره بحوافر الخيل، حتى ساووه بالتراب.. وكأننا حين سمعنا برحيلك..يتامى الحسين،خرجوا مذعورين،ليس لهم من يحميهم.. فقدوا والدهم، كما افتقد علياً محراب ..كما أفتقده مصلاه..كما بكاه منبره.

أيها الوالد الأقدس..لما آذنت شمس مجدك بالمغيب..وأرسلت أشعتها الأخيرة حمراء دافئة.. واحتجبت خلف بيوت الطين المتهالكة.. كنا نبتسم لها.. لكننا نسينا أن الشمس تغرب عنا لتظهر على أراض أخرى…. لتنعمها بفوائدها. وطال انتظارنا، لأن الشمس لم تظهر، بل انكسفت إلى الأبد من دنيانا الفانية لتنعم وترفل مع الحسين وآل الحسين ..نعم لقد أفلت شمسك، واحتجبت عنا خلف غيوم التراب، وظهر بدر خلودك في نفوسنا .. ليعوض فقد أشعتك..ولكن هيهات أن تعوض الشمس ببدر.

سحبت شمس الثامن والعشرين من شهر شعبان المعظم أذيالها بسرعة..وغابت هرباً من وحش الليل المخيف، القادم بوشاحه الأسود..يا لهذه الليلة، النفس تحس بالانقباض، والبسمات ذابلة رغم أنها للتو ظهرت فرحاً بشهر الله القادم. لكن وحشاً تسلل بين البسمة وذبولها ليخطف من يجدد علينا البسمة في هذا الشهر- طالما سمعنا مناجاته لربه في هذا لشهر الكريم، وطالما صرم لياليه بالعبادة- لتشرق الشمس الأخيرة من غير الوالد، لأنه حل ضيف على سيد الشهداء الحسين…....وتركنا. من لليالي القدر يحيها بالعبادة.. من لمحرابك المثكول.. من للمصلين، دعوه للعودة طلبوا منه الرجوع لكنه فضل الآخرة وزهد في هذه الدنيا كعادته..فرضوان الله عليه وحشره مع من أحب بمحمد وآله الطاهرين.